بحث ALMONIER

أرشيف المدونة

23‏/02‏/2012

بروتوكولات حكماء صهيون (11)


هل ينجح اليهود في تأسيس مملكة عالمية؟
الجواب: لا. دون تردد.
إن سلطة دولتهم اليهودية ـ على النمط الغريب الذي وصفنا هنا ـ شيء يختلف عما وعدتهم به كتبهم المقدسة، ويختلف كل الإختلاف عن إقامة مملكة أوتوقراطية عالمية تستعبد العالم لمصلحة اليهود على النحو الذي فصل هنا في البروتوكولات، ويجلس على عرشها مسيحهم المنتظر ملكاً وبطريركاً معاً على نحو ما يدبرون. فإن تكوين هذه المملكة المقدسة مستحيل كل الإستحالة واقعياً لأسباب يكفي الإشارة إلى أجدرها بالذكر. وهي التي توحي بأنها تساعد على قيام هذه المملكة على حين أنها تحول دونه:
(أ) من الحقائق القائمة الآن عملياً تشابك المصالح الإقتصادية والمواصلات ونحوها عالمياً، حتى صارت أقطار الأرض  كأنها أعضاء جسم حي واحد فلا تحدث أزمة في بلد حتى يرى أثرها في أبعد البلاد عنها. كما لا يمرض عضو في الجسم الحي إلا تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى. وذلك دليل اتجاه العالم نحو الائتلاف وهو ما يعمل له اليهود ويحاولون استغلاله لإقامة مملكتهم المقدسة.
ولكن هناك حقيقة أخرى واقعة تفسر لنا هذا الإتجاه ومداه وحدوده، وهي أن الوحدة الإنسانية لا مكان لها حتى الآن  في ضمير البشر. وما يزال راسخاً في ضمير الإنسان ولاؤه لنفسه وأسرته ووطنه ودينه. وكلها مما يحول دون قيام الإئتلاف العالمي الذي لا يرضي هذه العواطف ولا يحقق مصالح الشعوب المختلفة جميعاً.
فكيف نتصور قيامه في صورة مملكة أوتوقراطية تهدر كل حقوق الناس ومصالحهم لأجل سيادة طائفة قليلة سواء أكانت من الآلهة أم الملائكة فضلاً عن أن تكون طائفة اليهود الذين لا يعترفون لغيرهم بحق ولا يرعون له حرمة.
(ب) ما نجحت ـ في أي عصر ولا مكان ـ حركة عامة أو خاصة للجمع بين جانبين إلا كانت ذات رسالة تحقق مصالحها معاً ولو كان ظاهراً فيها تسخير جانب لآخر كي يخدمه. فإذا كانت كذلك بقيت للحركة وظيفتها وبقيت الصلة قائمة ضرورية، لأن المغلوب، لا قدرة له بدون إهدار مصالحه على التخلص من الغالب. بل تبقى الصلة ويحرص عليها الجانبان معاً ما دامت تؤدي رسالتها، ولكن كان الفريق السيد أضعف من المسود.
وهذا سر خطير من أسرار الاجتماع والتاريخ والسياسية. وهو يعلل لنا مع بساطته ووضوحه وعمقه كثيراً من مشكلات التاريخ والاجتماع والسياسة، ومن ذلك نجاح الرومان والعرب والعثمانيين في الإبقاء على إمبراطورياتهم حتى في عصور ضعف حكوماتهم وجيوشهم، وهو يعلل نجاح الاستعمار في العصرالحديث ثم خيبته. فقد نجح عندما كانت الأساطيل وسائل المواصلات بين أجزاء الارض، والقوة البوليسية التي تفتح البحار لكل قادر، وتحمي السفن من القراصنة، وتمنع احتكار أحد جانباً من البحار دون غيره. ونجح الاستعمار الإنجليزي في الهند طويلاً، إذ كان الانجليز هم عوامل التواصل وتبادل المنافع  بين الهند وغيرها من البلاد وكانوا عوامل التواصل بين أقطار القارة الهندية المتنائية وسلطاتها المتنازعة، وكف بأس كل سلطة عن الأخرى. وذلك عن طريق وحدة الحكم واللغة (الانجليزية) والتعليم (الأوروبي) والتجارة: فالهنود لاختلاف لغاتهم لا يتخاطبون إلا بالانجليزية، وهناك غير اللغة من أسباب التقريب والتوحيد بين مصالح الهنود أنفسهم، وكلها لم تكن لتتحقق بغير الإنجليز. فلما ساروا تحت حماية الإستعمار في طريق الاتحاد شوطاً بعيداً فطنوا إلى مساوئ الاستعمار وشدة وطأته وتطفله عليهم، مع أن هذه الشرور كانت أولاً أشد وأعنف منها أخيراً وقل مثل ذلك في قيام الكومنولث البريطانية، وقيام الخلافة العثمانية وهي في أشد حالات الفوضى والفقر والفساد. ولما استنفد الاستعمار رسالته إنحل من تلقاء نفسه، وهكذا طواغيت قريش المختلفون على وضع الحجر الأسود عند بناء الكعبة إلى حد التقاتل قد اتفقوا أن يضعه أول داخل (ولو كان عبداً أو طفلاً). وهكذا تقوم الصلة بين الزوجين أحياناً وإن كان كل منهما يمقت الآخر أشد المقت ولكنه يخشى عليه هبة النسيم، لأن تشابك المصالح الضرورية بينهما كتربية الأولاد يجعلها لا تتحقق إلا في ظل هذه الزوجية الممقوتة.
وليس للمملكة الاسرائيلية على النحو الذي وصف اليهود أية رسالة عالمية، العالم غير متهييء لها: فلا تستطيع قوى السموات والأرض أن تكره الأمم جميعاً على إهدار مصالحها من أجل اليهود ولو كانت تلك هي إرادة "يهوه رب الجنود" وفرق بعيد بين تشابك المصالح اليهودية مع مصالح الدول الكبرى والصغرى منفردة بكل دولة، وهو سر نفوذهم، وتشابك هذه المصالح مع مصالح الدول مجتمعة.
(ج) يظهر من تطور التاريخ كما يرى الأستاذ العقاد ـ أنه متجه إلى الاعتراف بالحرية والكرامة الانسانية لكل إنسان، لأنها مناط المسؤولية الذي يميز أنساناً من إنسان، وأمة من أمة، وهذه حقيقة راسخة في بنية الإنسان فرداً ومجتمعاً رسوخ انسانيته، باقية بقاءها، فكل ما يصطدم بهذا الإتجاه أو يعاكسه فمصيره الإنهيار.
والمملكة الاسرائيلية العالمية المرسومة هنا تهدر كل حق وكل كرامة لغير اليهود، وتحتكر لهم المصالح فوق ذلك فلا سبيل إلى قيامها.
(د) إن اليهود لا يتعاطفون ولا يتعاونون إلا مشتتين شاعرين بالخطر العام ضدهم، وبأنهم ـ إذا لم يتعصبوا ويتعاونوا ـ ذائبون في الأمم لا محالة لقتلهم محلياً وعالمياً. فإذا أحسوا بالأمن نزع الشر الكامن في دخائلهم الممسوخة، وتبيغت قلوبهم بالدم الفاسد، وثارت بينهم العداوة والبغضاء، وإن كرههم عنيف وقتالهم شديد، فمصيرهم ـ إذا أمنوا ـ أن يفني بعضهم بعضاً، فهم كما قال نيتشه "عش في خطر" وقد أحسن القرآن وصفهم، إذ قال: "لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة، أو من وراء جدر، بأسهم بينهم شديد، تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، ذلك بأنهم قوم لا يعقلون" فمصلحتهم في التشتت وهو سبب من أسباب مكنت لهم من التسلط محلياً وعالمياً، وجنبتهم شر الخلافات الحادة بين بعضهم وبعض.
(هـ) وهناك حقيقة دون ما قدمنا أهمية، وإن كانت، جديرة بالنظر، هي قلة عددهم محلياً وعالمياً، فعددهم في العالم لا يبلغ عشرين مليوناً. ولا يمكن أن ينجح هذا العدد ـ إذا اجتمع في مكان فيتسلط على العالم، ولو أوتي كل منهم من القوة العقلية والخلقية والعضلية حظ مائة إنسان . وإن نجاح اليهود مشتتين مقنعين في النفوذ العالمي شيء ونجاحهم مجتمعين مكشوفين شيء آخر. وسواء أكان القائم بالمشروع والواعد به إلههم "يهوه رب الجنود" أم اجتمعت عليه ووعدت به آلهة السموات والأرض ـ فليس هذا المشروع قابلاً أن يتحقق ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق